- jeokandaa|وئـول~مشـاركـ
- •المساهمـات : 280
•الجنـس :
•الموقــع : jeokanda
•التقييــم : 0
قصه......عم عيسى
الجمعة يوليو 09, 2010 3:54 pm
قام الناس وانفضوا من صلاتهم، فيما بقيت أنا أكمل ما تبقي من صلاتي ، حتي إذ انتهيت منها فإذا بعيناي تخطفهما ملامح ذلك الشخص الجالس هناك في أحد أركان المسجد. إنه عم عيسي ؛ رجلٌُ من الزمن الجميل ، اعتاد أن يجلس وحيداً لساعات يستدعي ذكريات الماضي لعلها تمحو بعضاً من قسوة الحاضر. ولكن لا أعرف لماذا لم أكن أراه هذه المرة بنفس نظرات الماضى ، فقد كان شكله يوحي بأنه سعيد ،أو علي الأقل راضٍِ بحاله بدرجة أكثر مما اعتدناها عليه. كان شاردا بنظره إلي السماء ، في حين تزين ثغره بابتسامة هادئة تعكس كل معانى الراحة والطمأنينة . ولكن كان جلياً أنه كان مسافراً بروحه إلى عالمٍ آخر من النور و النقاء والرضا .
طافت بخلدى مئات الصور و الأفكار عن هذا الرجل الذى خط الزمان على وجهه كل متاعبه ومآسيه ، ورسم عليه رحلة كفاح طويلة بدأت بصرخة ، وهاهي تنتهي بصرخة ، ولكن هذه المرة الصرخة مكتومة ، يقع صداها في أعماق النفوس ، ويظهرتأثيرها فى تجاعيد وجهه ، التى تحكى كل منها قصة عذاب، وفي عينيه الهادئتين التى زادهما الحزن والهم براءةً علي برائتهما.
كما أخذنى مظهر تلك الجلابية التي كان يرتديها علي غير ما اعتاد . فقد اعتاد أن يرتدي إحدي ثوبيه الأزرق أو الرمادي ، وهما كل ما يمتلكه من قوت الدنيا من اللباس ، وكونه في تلك الحُلّة الجديدة يعنى أن هناك حدثا جللاً في الطريق . وظهر ذلك أيضا من تلك المسبحة الزرقاء القديمة التى لم تكن تفارق أصابعه ، والتى طالما عايره بها الناس لأنها تنقص حبتان ، فهاهي تلمع وتتلألأ بشكلٍ لافتٍ وكأنها تشاطره فرحته واستبشاره بما هو قادم .
قمت لأداء ركعتي السٌنّّّّة ، ونفسي تٌحَدثٌني بأمر هذا الرجل الطيب الذي طالما أحببته ، والذي طالما لمعت الدموع في عيناي من أجله كلما فكرت في حاله. وما لبثت أن انتهيت من صلاتي إلا أن أسرعت لأخرج من المسجد تاركا أمرَ هذا الرجل الطيب لخالقه ، ولأخرج نفسي من حالة الحزن والحيرة التى ورطت نفسي فيهما ، ومع ذلك أجبرتنى عيناي علي أن استرق منه بعض النظرات وأنا في طريقي الي باب المسجد ، فأغمضتهما وتنهدت بقوة لعلني أنهي تلك الحالة من جموح المشاعر .
قبل أن أصل الي المنزل ، مررت بجمع من الناس يتحدثون عن صاحبي ، قائلين بأن ابنه في طريقه إلي البلاد بعد غياب زاد عن ربع القرن، ترك فيه أبيه وحيداً في بحر من هموم الحياة. وقتها أدركت سر السعادة التي وضحت علي تقاسيم وجهه وجعلته مشرقا كبدر التمام ، فهدأت نفسي، واستكان قلبي.
كان قد دخل وقت ما بعد القيلولة ، فمالت نفسي إلي النوم لإتقاء حر الصيف الذي يعصر بلهيبه القلوب. نمت مٌستريحٌ البال ، طيبٌ الخاطر ، داعيا ًربي لعم عيسي بدوام سعادته بابنه ما تبقي له من حياته . ولكن ما لبثت عيناي أن غرقتا فى النوم العميق؛ إلا أن استيقظت علي ضجيجٍِ ٍشديد بالخارج . فقفزت من علي سريري لأستقصي الأمر ، إلا أنني لم أجد أحداً بالمنزل ، فهلعت إلي الخارج ، فإذ بي أجدٌ النهارَ قد َفل، ومكانه الظلام قد حَل، ونسيمَ الليل قد هَل ، والشارع خالياً من المارة، فأسرعت إلي مصدر الصوت في الشارع الرئيسي ، فرأيت تجمعاً كبيراً من الناس يهتفون بالتكبير والتحميد والتهليل، وإذا بي أري ابن عم عيسي يشق الصفوف بين صراخ الناس وهتافهم. ففرحت كثيراً لرؤية من سيخفف آلام ذلك المسكين. ولكني كلما تقدمت تجاهه، شعرت بأن البلدة كلها قد سبقتني إليه لتحييه وتشكر له حسن عودته لأبيه. إلي أن وصلت علي بعد خطوات منه لأكون منه وجها لوجه، فإذا بي أري من خلفه نعشًا مرفوعاً علي الأكتاف، وعلي قامته معلقةً ًمسبحة ٌُُجميلة
طافت بخلدى مئات الصور و الأفكار عن هذا الرجل الذى خط الزمان على وجهه كل متاعبه ومآسيه ، ورسم عليه رحلة كفاح طويلة بدأت بصرخة ، وهاهي تنتهي بصرخة ، ولكن هذه المرة الصرخة مكتومة ، يقع صداها في أعماق النفوس ، ويظهرتأثيرها فى تجاعيد وجهه ، التى تحكى كل منها قصة عذاب، وفي عينيه الهادئتين التى زادهما الحزن والهم براءةً علي برائتهما.
كما أخذنى مظهر تلك الجلابية التي كان يرتديها علي غير ما اعتاد . فقد اعتاد أن يرتدي إحدي ثوبيه الأزرق أو الرمادي ، وهما كل ما يمتلكه من قوت الدنيا من اللباس ، وكونه في تلك الحُلّة الجديدة يعنى أن هناك حدثا جللاً في الطريق . وظهر ذلك أيضا من تلك المسبحة الزرقاء القديمة التى لم تكن تفارق أصابعه ، والتى طالما عايره بها الناس لأنها تنقص حبتان ، فهاهي تلمع وتتلألأ بشكلٍ لافتٍ وكأنها تشاطره فرحته واستبشاره بما هو قادم .
قمت لأداء ركعتي السٌنّّّّة ، ونفسي تٌحَدثٌني بأمر هذا الرجل الطيب الذي طالما أحببته ، والذي طالما لمعت الدموع في عيناي من أجله كلما فكرت في حاله. وما لبثت أن انتهيت من صلاتي إلا أن أسرعت لأخرج من المسجد تاركا أمرَ هذا الرجل الطيب لخالقه ، ولأخرج نفسي من حالة الحزن والحيرة التى ورطت نفسي فيهما ، ومع ذلك أجبرتنى عيناي علي أن استرق منه بعض النظرات وأنا في طريقي الي باب المسجد ، فأغمضتهما وتنهدت بقوة لعلني أنهي تلك الحالة من جموح المشاعر .
قبل أن أصل الي المنزل ، مررت بجمع من الناس يتحدثون عن صاحبي ، قائلين بأن ابنه في طريقه إلي البلاد بعد غياب زاد عن ربع القرن، ترك فيه أبيه وحيداً في بحر من هموم الحياة. وقتها أدركت سر السعادة التي وضحت علي تقاسيم وجهه وجعلته مشرقا كبدر التمام ، فهدأت نفسي، واستكان قلبي.
كان قد دخل وقت ما بعد القيلولة ، فمالت نفسي إلي النوم لإتقاء حر الصيف الذي يعصر بلهيبه القلوب. نمت مٌستريحٌ البال ، طيبٌ الخاطر ، داعيا ًربي لعم عيسي بدوام سعادته بابنه ما تبقي له من حياته . ولكن ما لبثت عيناي أن غرقتا فى النوم العميق؛ إلا أن استيقظت علي ضجيجٍِ ٍشديد بالخارج . فقفزت من علي سريري لأستقصي الأمر ، إلا أنني لم أجد أحداً بالمنزل ، فهلعت إلي الخارج ، فإذ بي أجدٌ النهارَ قد َفل، ومكانه الظلام قد حَل، ونسيمَ الليل قد هَل ، والشارع خالياً من المارة، فأسرعت إلي مصدر الصوت في الشارع الرئيسي ، فرأيت تجمعاً كبيراً من الناس يهتفون بالتكبير والتحميد والتهليل، وإذا بي أري ابن عم عيسي يشق الصفوف بين صراخ الناس وهتافهم. ففرحت كثيراً لرؤية من سيخفف آلام ذلك المسكين. ولكني كلما تقدمت تجاهه، شعرت بأن البلدة كلها قد سبقتني إليه لتحييه وتشكر له حسن عودته لأبيه. إلي أن وصلت علي بعد خطوات منه لأكون منه وجها لوجه، فإذا بي أري من خلفه نعشًا مرفوعاً علي الأكتاف، وعلي قامته معلقةً ًمسبحة ٌُُجميلة
ًٌُزرقاء ... أعتقد أنها كانت تنقص حبتا
مما راقنى
- jojo-أبو العـز ~مُميـــــــز
- •المساهمـات : 3001
•الجنـس :
•الموقــع : الرياض
•التقييــم : 1
رد: قصه......عم عيسى
الجمعة أغسطس 27, 2010 5:08 pm
يسلمووووووووووووو
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى